دي جريد: نموذج رائد في الاقتصاد الدائري
تحويل النفايات البلاستيكية إلى ثروة
وصل الإنتاج العالمي من المواد البلاستيكية إلى أكثر من 360 مليون طن عام 2020. ولكن ما يتم إعادة تدويره لا يتخطى 9% فقط من هذا البلاستيك، وبالتالي فإن عمليات إعادة التدوير غير قادرة على مواكبة هذا الانفجار الهائل في النفايات البلاستيكية، مما يؤدي إلى تراكمها في مكبات النفايات وفي المحيطات. وعلى الرغم من أن هذا الوضع يمثل تحدياً كبيراً، إلا إنه في نفس الوقت يحمل بين طياته فرصاً واعدة. فمن الممكن تحويل إعادة التدوير إلى نموذج تجاري مربح وخلق قيمة من النفايات من خلال ابتكار تصورات جديدة لإدارة النفايات.
أصبحت الطرق المبتكرة لخلق القيمة من النفايات تحظى باهتمام متزايد في عالم الأعمال، وبدأت الكثير من الشركات في تطوير مشاريع لتحويل النفايات البلاستيكية إلى عناصر قابلة لإعادة الاستخدام. وأصبح من الممكن تحويل صناعة إدارة النفايات وإعادة التدوير إلى نموذج تجاري مربح إذا وجدت الإرادة والشركاء المناسبون.
من الممكن تحفيز الشركات لتبني ممارسات صديقة للبيئة، وتقليل النفايات والمساعدة في خلق كوكب أكثر نظافة من خلال فرض رسوم على استخدام البلاستيك. وبالفعل فإن الكثير من الشركات حول العالم تتبنى هذا النهج. وفي ظل الرؤية الطموحة لدولة الإمارات العربية المتحدة والدعم الحكومي غير المسبوق، تتبدى فرص واعدة لمواكبة هذا الاتجاه العالمي وخلق مستقبل مستدام وتوليد الدخل من خلال الاستثمار في إعادة تدوير النفايات.
التحديات
تُعد شركة «دي جريد» من الشركات القليلة في المنطقة التي تدعم مبادرات إعادة تدوير البلاستيك ذات الحلقة المغلقة، وتستخدم الشركة تقنيات حديثة لمعالجة مادة البولي إيثيلين (PET) على نطاق واسع وتحويلها إلى منتجات جديدة لتلبية الطلب المتزايد في السوق المحلية والإقليمية على الملابس المستدامة ومواد التغليف المعاد تدويرها.
تأسست «دي جريد» في أبوظبي عام 2010، وهي شركة لتوزيع المنسوجات المستدامة متخصصة في إعادة تدوير زجاجات البلاستيك لإنتاج رقائق البلاستيك المعاد تدويره واستخدامها في صناعة الخيوط باستخدام تقنية تُسمى «Greenspun™». ويتم استخدام خيوط «Greenspun™» في إنتاج أزياء موحدة وملابس مستدامة وإكسسوارات لعملائها من الشركات في مختلف القطاعات. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم «دي جريد» رقائق البلاستيك المعاد تدويره في تصنيع مواد التغليف لدعم قطاع السلع الاستهلاكية سريعة الدوران في تحقيق أهدافه في مجال الاستدامة.
انطلاقاً من التزامها الراسخ بالحد من التلوث بالمواد البلاستيكية ودعم نظام الحلقة المغلقة، قررت «دي جريد» عام 2022 زيادة طاقتها الإنتاجية من رقائق البلاستيك المعاد تدويره، وبدأت الشركة في تطوير مصنع جديد لإعادة التدوير مسترشدة بالأسئلة الرئيسية التالية:
- كيف تضمن الشركة أن منشأتها الجديدة تتمتع بالمساحة الكافية والتجهيزات المناسبة لتشغيل معدات إعادة التدوير؟
- كيف يمكن للشركة الوفاء بالتزامها بممارسات التصنيع المستدام في جميع مراحل دورة الإنتاج؟
- كيف يمكن للشركة ضمان تسليم المنتجات في الوقت المطلوب إلى قاعدة عملائها المتنامية في الإمارات العربية المتحدة وخارجها؟
بالنظر إلى هذه الاعتبارات ولتلبية هذه الاحتياجات المحددة، كانت الشركة بحاجة إلى اختيار قاعدة تصنيع تدعم تطوير مرافق بمواصفات خاصة مصممة خصيصاً لأساليب الإنتاج المستدام وتتيح لها التوسع في المستقبل، بالإضافة إلى مزايا أخرى مهمة مثل التكاليف التشغيلية التنافسية وسهولة الوصول إلى العملاء.
الحلول
قررت «دي جريد» تطوير مصنعها الجديد في قلب أبوظبي في كيزاد التابعة لمجموعة موانئ أبوظبي، أكبر مشغل للمناطق الاقتصادية المتكاملة والمتخصصة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
تقدم كيزاد الكثير من المزايا التنافسية والتسهيلات عبر منظومة أعمالها المتكاملة والتي تسهم في جذب المزيد من الاستثمارات في مجالات التصنيع المستدام، ومن ضمن المزايا الفريدة التي قدمتها كيزاد إلى «دي جريد» لضمان تحقيق أهداف الشركة الأساسية وتحقيق طموحها في النمو، المزايا التالية:
- قابلية التوسع: تعتمد كيزاد على نموذج تطويري يراعي الاحتياجات المستقبلية ويسمح بتوسيع نطاق العمل في المستقبل، ويعد هذا النموذج مثالياً لخطط النمو الطموحة لشركة «دي جريد».
- تكامل عمل المناطق الاقتصادية والموانئ: يُعدّ موقع كيزاد الاستراتيجي بالقرب من ميناء خليفة الحيوي، والذي يعد مركزاً رئيسياً لشحن الحاويات يخدم أكثر من 25 خط شحن رئيسي ويؤمن ربطاً مباشراً بأكثر من 70 وجهة عالمية، وكان هذا أحد العوامل المهمة لشركة «دي جريد».
- التركيز على المتعاملين: عززت كيزاد موقعها الاستراتيجي من خلال الاهتمام بالمتعاملين، وفهم احتياجاتهم وتطوير حلول مصممة خصيصاً لتلبية احتياجات المستثمرين وخدمة مصالحهم واستراتيجياتهم التجارية.
- الدعم الحكومي: تسهل كيزاد حصول المشاريع الصناعية المستدامة مثل مصنع «دي جريد» على الدعم من إمارة أبوظبي والسلطات الاتحادية لتحقيق الأهداف المشتركة والحفاظ على البيئة.
النتيجة
:مع استمرار الشركة في التوسع وزيادة طاقتها الإنتاجية، استفادت «دي جريد» بشكل كبير من القدرة على التوسع في كيزاد، وحصدت الكثير من المزايا المباشرة التي تقدمها كيزاد للمستثمرين الطامحين إلى تطوير منشآت متخصصة، ومن هذه المزايا فرص التوسع والموقع الاستراتيجي وسهولة ممارسة الأعمال.
- تصل الطاقة الإنتاجية للمنشأة إلى مليار زجاجة بلاستيكية سنوياً، وتمكنت «دي جريد» من إعادة تدوير أكثر من 60 مليون زجاجة في أول ثمانية أشهر من تشغيل المصنع، مع توقعات باستدامة زخم النمو في المراحل المقبلة.
- تُحدِث «دي جريد» فرقاً كبيراً في تعزبز نظام الحلقة المغلقة للبلاستيك في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتضرب مثالاً رائعاً للاقتصاد الدائري من خلال منشأتها في كيزاد، حيث تتم جميع مراحل إعادة التدوير من جمع البلاستيك القديم وصولاً إلى تصنيع منتجات جديدة.
- من خلال التعاون مع كيزاد، تمكنت «دي جريد» من الوفاء بالتزامها بالتصنيع المستدام، وذلك بإنشاء محطة متخصصة لمعالجة المياه تعيد تدوير 80% من المياه المستخدمة في عملية إعادة تدوير البلاستيك.
بفضل منشأتها الجديدة في كيزاد، أصبحت «دي جريد» واحدة من الشركات الرائدة في إعادة تدوير النفايات البلاستيكية بنظام الحلقة المغلقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. واستفادت الشركة من البنية التحتية المتطورة في كيزاد وارتباطها المباشر بالموانئ لتلبية الطلب المتزايد على المنسوجات المستدامة ومواد التغليف المعاد تدويرها في دولة الإمارات وخارجها، وتساهم بذلك في إنشاء مستقبل أكثر نظافة لمجتمعات المنطقة.